responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 63
[سورة التوبة (9) : آية 47]
لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زادُوكُمْ إِلاَّ خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)
[في قوله تَعَالَى لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنْوَاعَ الْمَفَاسِدِ الْحَاصِلَةِ مِنْ خُرُوجِهِمْ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْخَبَالُ والشر وَالْفَسَادُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَمِنْهُ يُسَمَّى الْعَتَهُ بِالْخَبَلِ، وَالْمَعْتُوهُ بِالْمَخْبُولِ، وَلِلْمُفَسِّرِينَ عِبَارَاتٌ قَالَ الْكَلْبِيُّ: إِلَّا شَرًّا، وَقَالَ يَمَانٌ: إِلَّا مَكْرًا، وَقِيلَ: إِلَّا غَيًّا، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: إِلَّا غَدْرًا، وَقِيلَ: الْخَبَالُ الِاضْطِرَابُ فِي الرَّأْيِ، وَذَلِكَ بِتَزْيِينِ أَمْرٍ لِقَوْمٍ وَتَقْبِيحِهِ لِقَوْمٍ آخَرِينَ، لِيَخْتَلِفُوا وَتَفْتَرِقَ كَلِمَتُهُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ قَوْلُهُ: إِلَّا خَبالًا مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، كَقَوْلِكَ: ما زادوكم خيرا إلا خبالا، وهاهنا الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ غَيْرُ مَذْكُورٍ وَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ وَقَعَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْأَعَمِّ وَالْعَامُّ هُوَ الشَّيْءُ، فَكَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا، وَالتَّقْدِيرُ: مَا زَادُوكُمْ شَيْئًا إِلَّا خَبَالًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى أَنَّهُ كَرِهَ انْبِعَاثَهُمْ، وَبَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ إِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ الِانْبِعَاثَ لِكَوْنِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى هَذَا الْخَبَالِ وَالشَّرِّ وَالْفِتْنَةِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يَكْرَهُ الشَّرَّ وَالْفِتْنَةَ وَالْفَسَادَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَلَا يَرْضَى إِلَّا بِالْخَيْرِ، وَلَا يُرِيدُ إِلَّا الطاعة.
النوع الثاني: من المفساد النَّاشِئَةِ مِنْ خُرُوجِهِمْ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وفي الإيضاح قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا الْوَاحِدِيُّ.
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ، أَنَّ الْإِيضَاعَ حَمْلُ الْبَعِيرِ عَلَى الْعَدْوِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ:
أَوْضَعَ الرَّجُلُ إِذَا سَارَ بِنَفْسِهِ سَيْرًا حَثِيثًا. يُقَالُ: وَضَعَ الْبَعِيرُ إِذَا عَدَا وَأَوْضَعَهُ الرَّاكِبُ إِذَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ قَالَ الْفَرَّاءُ:
الْعَرَبُ تَقُولُ: وَضَعَتِ النَّاقَةُ، وَأَوْضَعَ الرَّاكِبُ، وَرُبَّمَا قَالُوا لِلرَّاكِبِ وَضَعَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْأَخْفَشِ وَأَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: أَوْضَعَ الرَّجُلُ إِذَا سَارَ بِنَفْسِهِ سَيْرًا حَثِيثًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ وَضَعَ نَاقَتَهُ، رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَأَوْضَعَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ وَقَالَ لَبِيدٌ:
أُرَانَا مُوضِعِينَ لِحُكْمِ غَيْبٍ ... وَنَسْخُو بِالطَّعَامِ وَبِالشَّرَابِ
أَرَادَ مُسْرِعِينَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يُرِيدُ مُوضِعِينَ الْإِبِلَ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدِ السَّيْرَ فِي الطَّرِيقِ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ:
تَبَالَهْنَ بِالْعُدْوَانِ لَمَّا عَرَفْنَنِي ... وَقُلْنَ امْرُؤٌ بَاغٍ أَكَلَّ وَأَوْضَعَا
قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَالْآيَةُ تَشْهَدُ لِقَوْلِ الْأَخْفَشِ وَأَبِي عُبَيْدٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ: فَالْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ السَّعْيُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِالتَّضْرِيبِ وَالنَّمَائِمِ، فَإِنِ اعْتَبَرْنَا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ كَانَ الْمَعْنَى: وَلَأَوْضَعُوا رَكَائِبَهُمْ بَيْنَكُمْ، وَالْمُرَادُ الْإِسْرَاعُ بِالنَّمَائِمِ، لِأَنَّ الرَّاكِبَ أَسْرَعُ مِنَ الْمَاشِي، وَإِنِ اعْتَبَرْنَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يُسْرِعُونَ فِي هَذَا التَّضْرِيبِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 16  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست